يقول الله تعالى في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ إنّ المؤمن إذا كان هدفه وما يرمي إليه في حياته الدنيا هو كسب مرضاة الله تعالى, فإنّه من الضروريّ أن يتعارض هذا الهدف السامي مع نيل رضا الناس في بعض الحالات, فالله تعالى يريد أن يطهِّرَنا بالتوبة والرجوع إلى القيم والمبادئ والأخلاق، ويريد كثير من الناس لنا أن نتّبع الشهوات وأن نميل ميلاً عظيماً: ﴿وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا﴾ وإذا أراد المؤمن أن يتطهّر ويصل إلى نيل رضا الله تعالى لا بدّ أن يطبّق أحكامه تعالى من غير اجتزاء. والمداهنة للخلق ستؤدّي إلى الاجتزاء في إجراء أحكام الله تعالى وعدم نيل المراد وهو رضا الله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ فبعضهم ممّن ضعف إيمانه يترك تطبيق حكم الله تعالى خوفاً من ملامة الناس له, فيقدِّم مرادَ الخلق على مراد الخالق مداهنة ً، فيكون ممن أرضى الناس بسخط الله تعالى, وأرضى المخلوق بسخط الخالق!! وهذا بالطبع لا يتطابق مع موقف المؤمن الصادق بحال من الأحوال، فالمؤمن من يقدّم رضا الخالق على رضا المخلوق عند التعارض بينهما..